هذا الأسبوع، ربما تفقد الولايات المتحدة تصويتها في منظمة دولية، لأن القوانين الأميركية التي تمت صياغتها على نحو رديء تتيح للأجانب تحديد السياسة الخارجية الأميركية. وكجزء من عملية الموازنة، يتعين على الكونجرس دعم جهود إدارة أوباما لتحديث التشريع بحيث تتمكن الولايات المتحدة من دعم برامج من شأنها توفير فرص عمل داخل البلاد والتصدي للمتطرفين العنيفين في الخارج. كما يتعين على الولايات المتحدة أن تتمكن من تمويل الوكالات التي تدعو إلى تعزيز التسامح والتعليم وحرية الصحافة في مجتمعات أخرى بعيدة عن بلادنا. وبموجب قانونين يرجعان إلى عامي 1990 و 1994، على أميركا التوقف تلقائياً عن تقديم تمويل، مفروض بموجب معاهدة، لإحدى وكالات الأمم المتحدة، إذا حصل الفلسطينيون على عضوية كاملة. وفي عام 2011، صوتت أغلبية الدول الأعضاء على السماح بانضمام السلطة الفلسطينية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو). وبناءً على ذلك، اضطرت الولايات المتحدة للتوقف عن تمويل منظمة تعزز مصالح أميركية، وبالتالي ترك مجال للآخرين ممن لهم أجندات سياسية مختلفة. هذه القوانين ما هي إلا آثار تحول دون قدرة الولايات المتحدة على تعزيز مصالحها دولياً. إنها تعاقب وكالات الأمم المتحدة الموالية لأميركا والتي لا تملك السيطرة على الفلسطينيين. وعلاوة على ذلك، فإن دولاً أخرى، تبدو ظاهرياً من مؤيدي قيام الدولة الفلسطينية، بإمكانها وضع استراتيجية للحد من النفوذ الأميركي دولياً. وبعد مرور ثلاث سنوات من عدم السداد، فإن الدولة التي تمتنع عن السداد تفقد تصويتها. ورغم أنه يريد مشاركة الولايات المتحدة الفعالة، إلا أن المؤتمر العام لليونيسكو يجد نفسه مضطراً هذا الأسبوع لوقف تصويت الولايات المتحدة إلى أن تسدد مستحقاتها. إن واشنطن وأصدقاءها يخسرون عندما يتم تهميش الولايات المتحدة. وباعتبار أن منظمة اليونيسكو تدير نظام التراث العالمي، فإن تخصيص التراث العالمي للأعجوبة الأثرية التي رشحتها الولايات المتحدة، وهي «بوفرتي بوينت»، أو «قمة الفقر»، في لويزيانا، سوف يجلب الانتباه السياحي ومن ثم يزيد العائدات المالية لهذه المنطقة التي تعاني صعوبات اقتصادية. كما أن تحديد «سان أنطونيو» سوف يبرز المساهمة الثقافية لجنوب غرب أميركا. لكن من غير المرجح أن يدعم أعضاء لجنة التراث العالمي في اليونيسكو هذه الترشيحات من جانب دولة مقصرة مالياً حيال المنظمة. كما أنه بدون الدعم الأميركي، فإن البرامج التي تعزز أمن الولايات المتحدة سوف تضعف. وبالعودة إلى ميثاق تأسيسها نجد أنه «لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تُبنى حصون السلام»، لذلك فاليونيسكو تسعى لمكافحة التطرف. وعندما عادت إدارة بوش للانضمام إلى اليونيسكو عام 2003، بعد تركها خلال حقبة الحرب الباردة، أدركت أن المنظمة بإمكانها المساعدة على مكافحة التطرف في عالم ما بعد 11 سبتمبر. وفي الواقع فقد تم تقديم دروس لمحو الأمية لصالح الشرطة الأفغانية. فاليونيسكو تقود الكفاح العالمي لمحو الأمية. كما خدمت السيدة الأولى الأميركية في حينه، لورا بوش، كسفيرة فخرية لعقد الأمم المتحدة لمحو الأمية. وفي أوائل عام 2011، أطلقت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، هيلاري كلينتون، برنامج اليونيسكو لتعزيز التعليم للنساء والفتيات، والذي يهدف إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل. وفي العاشر من ديسمبر 2012، دشنت منظمة اليونيسكو صندوق ملالا لتعليم الفتيات، لتعمق بذلك التزامها بضمان التحاق الفتيات بالتعليم المدرسي بحلول عام 2015. كما تستضيف اليونيسكو المبادرة الأميركية البرازيلية حول «تعليم الاحترام للجميع»، وهي عبارة عن برنامج عالمي لتعزيز التسامح في المجتمعات المتنوعة عرقياً، والذي أطلق بالتعاون مع طلاب مدرسة «تولوود الثانوية» بفرجينيا و«باغونكاكو»، وهو مركز تعليمي للشباب في سلفادور دي باهيا (البرازيل). وفي إطار الاحتفال بالذكرى الخمسين لتفجيرات برمنجهام التي وقعت عام 1963، انضم ما يزيد على 50 ولاية أميركية للمبادرة التي أطلقتها اليونيسكو تحت عنوان «التحالف الدولي للمدن المتحدة ضد العنصرية». كما تدعم منظمة اليونيسكو حرية الصحافة في العالم حيث تتشدد العديد من البلدان مع وسائل الإعلام. ومن ناحية أخرى، يدير الجهاز المعني بالعلوم في اليونيسكو نظام تسونامي للإنذار المبكر الذي أنذر هاواي والساحل الغربي بموجات التسونامي التي اجتاحت المحيط الهادئ عقب كارثة فوكوشيما. كما أدى التعاون العلمي لمنظمة اليونيسكو إلى افتتاح المركز الدولي لضوء السنكروترون للعلوم الاختبارية وتطبيقاتها في الشرق الأوسط (سيسام)، حيث يتعاون علماء من تسع دول، بينها مصر وإسرائيل وباكستان والأردن والسلطة الفلسطينية. قد تكون قوانيننا التي يمتد عمرها لعقود، محاولةً للوقوف مع إسرائيل، لكن إسرائيل لن يصيبها الضرر بسبب غياب الولايات المتحدة عن اليونيسكو. وقد عمل مسؤولون أميركيون بجد للمساعدة على إحباط الإجراءات المعادية لإسرائيل في الهيئات الدولية أو التخفيف منها. وعند مناقشة القضايا المثيرة للجدل والمتعلقة بتراث الأرض المقدسة، في اليونيسكو العام المقبل، فسوف تكون الولايات المتحدة التي لا يحق لها التصويت أقل قدرة على مساعدة حليفتها. وفي نفس الوقت، فإن برامج اليونيسكو الخاصة بالتوعية بالهولوكوست ومكافحة الإبادة الجماعية في جميع أنحاء العالم سوف يصيبها الضعف بدون دعم الولايات المتحدة. لذا فإنه يتعين على الإسرائيليين الترحيب بنهج محدث لاستعادة دور الولايات المتحدة وصوتها القوي في المنظمات الدولية. والمشكلة لا تقتصر على اليونيسكو. فقد كانت المشكلة هذا الأسبوع مع اليونيسكو، لكن هذين القانونين الباليين بإمكانهما تقويض مشاركة الولايات المتحدة في سائر هيئات الأمم المتحدة. ومع ظهور مرض شلل الأطفال في سوريا، يحتاج العالم لتعاون الجميع في الشرق الأوسط للوقاية من الأوبئة. لكن، إذا تمكن الفلسطينيون من الحصول على مكانة في منظمة الصحة العالمية، فسيتعين على الولايات المتحدة -والتي تعتبر أكبر ممول لهذه المنظمة- أن توقف تمويلها، الأمر الذي من شأنه أن يشل مؤسسة الصحة الأولى في العالم. لقد صيغت هذه القوانين في عصر مختلف، وينبغي إعادة النظر فيها بقصد تقديم تنازل في مصلحة الوطن وضمان أن يتم وضع السياسة الخارجية للولايات المتحدة في واشنطن وليس من قبل خصومنا. ـ ـ ـ ـ ـ ـ استير بريمر أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، ومساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون المنظمات الدولية بين2009 و2013 ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»